|
تجارة الطاقة بالروبل الروسي


لقد سلطت الضوء في عدة مقالات حول أهمية التداول بالعملات المحلية. كما أوضحت كيف قامت الولايات المتحدة الأمريكية بجعل العالم أجمع يعتمد على الدولار خلال مؤتمر بريتون وودز عام 1944 وأشرت إلى الآثار السلبية حيال ذلك. وذكرت أنه إن أردنا أن نحقق الاستقرار الاقتصادي في المرحلة القادمة فلا بد أن نجعل اقتصادنا أقوى وأكثر مرونة مقابل العملات الأجنبية وصدمات أسعار الصرف.

إن المرحلة التي وصلنا إليها اليوم، وخاصة في تجارة الطاقة التي ستفتح أبواباً جديدةً وتتيح فرصاً هامة لهو أمر واعد يبعث على الأمل، لكن لتحقيق الفائدة من هذه التجارة فلا بد أن يخطط لها بشكل دقيق ومدروس، وأن تدار بطريقة متوازنة.

من أين جاءت فكرة تجارة الطاقة بالروبل؟

في الأسبوع الماضي، التقى الرئيس رجب طيب أردوغان نظيره الروسي فلاديمير بوتين ضمن زيارة عمل، وكما هو معلوم فعندما يتعلق الأمر بالاتفاق مع روسيا، تكون الطاقة إحدى القضايا المهمة المطروحة على الطاولة.

وفي بيان لنائب رئيس الوزراء ألكسندر نوفاك ، بعد الاجتماع الثنائي بين أردوغان وبوتين ، صرح بأنه تم التوصل إلى اتفاق بين روسيا وتركيا يقتضي الدفع مقابل شحنات الغاز الروسي إلى تركيا بالروبل الروسي بشكل جزئي وأنه سيتم استخدام الليرة التركية في المرحلة التالية.

أهمية التداول بالعملات المحلية؟

لقد كتبت مقالًا في مايو/أيار عام 2020 عن هذا الموضوع. وضحت فيه كيف يعاني الاقتصاد من عجز في التجارة الخارجية ، فحاجة تركيا إلى العملة الأجنبية تتزايد باستمرار، وذلك لأن أحد أهم أسباب العجز في التجارة الخارجية هو الطاقة. حيث أننا نعتمد بشكل أساسي على الدولار في الدفع مقابل الطاقة.


لذلك، يخلق النظام طلبًا مستمرًا على العملات الأجنبية، وخاصة المؤسسات الحكومية مثل شركة "بوتاش" لأنابيب النفط والغاز الطبيعي . على سبيل المثال، عندما نتحدث عن احتمال ارتفاع فاتورة الطاقة إلى 100 مليار دولار في هذا العام، فهذا يعني أن هناك طلبًا كبيرًا للغاية على العملات الأجنبية. ويؤدي ارتفاع الطلب على العملات الأجنبية أيضًا إلى ارتفاع في سعر الصرف. لهذا فإنَّ كل خطوة للمحاولة من تقليل الطلب على الدولار -حتى ولو قليلاً- أمر بالغ الأهمية.

هل سينجح هذا النظام ؟


لو تم الاتفاق على أن تكون جميع تجارة الطاقة مع روسيا بالروبل ، فربما أكون أول من يقول إن هذا النظام لن ينجح. أما إجراء تجارة الطاقة بالروبل عبر الدفع بشكل جزئي فهي فكرة معقولة يمكن تطبيقها. فروسيا أيضًا لديها صادرات مهمة من تركيا وهذه الصادرات تتزايد يومًا بعد يوم.

خاصة أن عمليات الحظر والعقوبات الاقتصادية المفروضة على روسيا تأتي بفترة تقترب فيها روسيا من السوق التركية. بما أننا نستورد الطاقة من روسيا، فإنَّ هذا يؤدي إلى عجز في ميزان التجارة الخارجية لصالح روسيا. لذا فإنه من غير الممكن تقنيًا الدفع مقابل الطاقة التي نحصل عليها من روسيا بالروبل كاملًا. لكن من الممكن الدفع بالروبل مقابل جزء مساوٍ لمجموع واردات روسيا منا.

تساؤلات تتبادر إلى الذهن

ما إن يتم الإعلان عن مثل هذه الاتفاقية ، فإن أول سؤال يتبادر إلى الذهن هو كيف ستؤمن تركيا كفايتها من الروبل، حتى أن هناك من تساءل عما إذا كنا سنستخدم الدولار أيضاً لشراء الروبل.

وهنا يأتي دور كلمة "جزئي" في الاتفاقية أي الدفع مقابل تجارة الطاقة بأكملها، بما يعادل ما تستورده روسيا من تركيا وذلك بأن يتم الاتفاق بين البنوك المركزية على تبادل الأموال بالعملات المحلية، لكن على البنوك أيضاً أن تكون أكثر نشاطًا، ومن المهم جدًا إعداد النظام بشكل صحيح.

وهناك تساؤل آخر، عندما تقبل روسيا الانتقال إلى مرحلة الدفع بالعملات المحلية فما الذي ستفعله بالليرة التركية؟

وهنا أيضًا يتبادر إلى الذهن هدف رفع التجارة بين تركيا وروسيا إلى 100 مليار دولار، نظرًا لأن روسيا ستستورد المزيد من تركيا، وكلما زادت نسبة ما تستورده روسيا من تركيا فإن حاجتها إلى الليرة التركية ستزاد أكثر.

بالطبع ، لن يكون إعداد النظام وتطبيقه بهذه السهولة، لكن إذا كانت التجارة بالعملات المحلية ستستمر في العمل ، فستتضح أهميتها أكثر في السنوات القادمة.

#الطاقة
#الغاز
#روسيا
#الروبل الروسي
2 yıl önce
تجارة الطاقة بالروبل الروسي
إيران.. خطر لم ندرك حجمه بعد
إبادة غزة.. المهمة الحضارية الجديدة لبريطانيا والولايات المتحدة
هل رؤية حزب الشعب الجمهوري للجامعات تتفق مع رؤية تانجو أوزجان؟
أولياء بخارى
المجلس السياسي لحزب العدالة والتنمية لربع قرن