|
الأزمة الروسية-الأوكرانية ومساعي أنقرة للوساطة

منذ اليوم الأول له في البيت الأبيض، والرئيس الأمريكي جو بايدن لا يتوقف عن الإدلاء بتصريحات غريبة وكأنه أفاق للتو من نومه، كان آخر تلك التصريحات ما قاله قبل يومين حول الأزمة الأوكرانية والتهديدات الروسية.

لقد أفسد بايدن كل شيء تقريبًا، حينما استخدم وصف "توغل روسي صغير"، حين قال أن "ردة فعل الغرب قد تكون مختلفة في حال غزت روسيا أوكرانيا، فإذا كان توغلا بسيطا أو صغيرًا، سينتهي بنا الأمر إلى الجدل حول ما يجب القيام به وما لا يجب فعله".

لقد فُسرت تصريحات بايدن على أنها ضوء أخضر لعمل عسكري روسي محتمل داخل الأراضي الأوكرانية.

لكن في الحقيقة كان الرد الأكثر أهمية ما صدر عن الكوميدي السابق، والرئيس الحالي لأوكرانيا فولوديمير زيلينسكي، تعليقًا على ما قاله بايدن.

حيث قال زيلينسكي؛ "نريد أن نذكر القوى العظمى أنه لا توجد غارات صغيرة ودول صغيرة. مثلما لا توجد إصابات طفيفة أو حداد صغير على فقدان الأحبّة، أقول هذا بصفتي رئيس قوّة عظمى".

إن الروس حسبما تعبر الصحفية القرمية كثلوم خليلوفا؛ "قد وضعوا السلاح في رأس أوكرانيا، ويهددون الغرب والناتو والولايات المتحدة: افعلوا ما نريد وإلا فسنطلق النار".

أوروبا عاجزة، وغير قادرة على رفع صوتها خوفًا من التجمّد منتصف الشتاء

إن أوروبا التي تحتاج إلى 500 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي الروسي سنويًا، وتعاني من ارتفاع جنوتي لأسعار الطاقة حول العالم، تخشى من انقطاع إمدادات روسيا من الغاز الطبيعي أو أن تتجمد منتصف فصل الشتاء على حين غرة.

لكن في الحقيقة، يبدو أن ربط هذا الموقف الأوروبي بقضية ارتفاع أسعار الطاقة التي بدأت منذ سبتمبر/أيلول الماضي فحسب، أو بأسباب تتعلق بجائحة كورونا، هو تفكير غير دقيق. فالأمر يبدو وكأن هناك حسابات/لعبة تريد جعل أوروبا يائسة عاجزة دون حيلة إزاء التهديدات الروسية لأوكرانيا.

بقي لنا أن نتساءل حول ما يمكن أن تفعله الولايات المتحدة من أجل كبح جماح التهديدات الروسية لأوكرانيا، وحتى الولايات المتحدة هي الأخرى لا يبدو أن بيدها فعل الكثير باستثناء العقوبات الاقتصادية.

لقد التقى وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن نظيهر الروسي سيرغي لافروف، أمس، في جنيف.

وحين النظر إلى تصريحات الوزيرين قبل لقائهما في جنيف، نجد أن الولايات المتحدة تسعى لكسب مزيد من الوقت، بينما روسيا تعلن أنها لعد تحتمل ما يجري.

بينما صرح بلينكن بأن المشاكل لا يمكن حلها في يوم واحد، قال لافروف أنه لا يتوقع أن يتمخض هذا اللقاء عن شيء.

موقف أنقرة ومساعي الوساطة

كيفما نظرنا إلى المسألة نجد أننا أمام وضع خطير حقًا.

فالحشد الروسي المتزايد بشكل مستمر قرب الحدود الأوكرانية، يتحدث عن نفسه بوضوح ويوحي بأن روسيا قد تضغط على الزناد في أي لحظة.

إن أي حرب يمكن أن تندلع في أوكرانيا ستنتج عن أبعاد خطيرة للغاية، ليس على صعيد المنطقة فحسب، بل في كافة أنحاء العالم في وقت نشهد فيه تغيرات جيوسياسية.

على صعيد آخر، حين الحديث عن اللاعبين الذين يمكن أن يلعبوا دور الوساطة بين روسيا وأوكرانيا، سرعان ما تبرز تركيا كلاعب مهم يمكنه لعب دور الوساطة.

فالرئيس التركي رجب طيب أردوغان هو زعيم يتمتع بقناوت حوار وثيقة مع بوتين وزيلينسكي على حد سواء.

في حديثنا الصحفي مع الرئيس أردوغان خلال زيارته مطلع الأسبوع الجاري إلى ألبانيا، عبّر عن عدم ارتياحه من سياسة روسيا التوسعية، قائلًا "يجب التحدث مع السيد بوتين حول هذه المواضيع. لأن هذه المناطق لا يمكن لها أن تشهد أي حرب. علينا استبعاد خيار الحرب بشكل نهائي من تاريخ السياسة. فلا يمكن للأمور أن تعالج عبر منطق الاستيلاء على أراضي الآخرين واحتلالها".

روسيا وأوكرانيا تنظران بدفء لوساطة أردوغان

لقد استقبلت كل من موسكو وكييف تصريحات الوساطة من أردوغان برسائل إيجابية، خلال الأسبوع الجاري.

بالنسبة لأوكرانيا، اعتبر نائب رئيس مكتب الرئاسة الأوكرانية ميهاي بودولياك، مبادرة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، بدعوته رئيسَي روسيا وأوكرانيا إلى تركيا لحلّ المشكلات بين الدولتين، مبادرة مدروسة وتملك الإمكانيات.

أما روسيا، فقد أعلن الناطق باسم الكرملين، ديمتري بيسكوف، أن "روسيا ترحب بأية جهود تسهم في حل الوضع القائم مع أوكرانيا. ولا يسعنا إلا أن نرحب بذلك إذا كان شركاؤنا الأتراك قادرين على التأثير على كييف والولايات المتحدة".

إضافة لذلك، فإن الرئيس التركي أردوغان أعاد خلال مؤتمر صحفي مع نظيره السلفادوري في العاصمة أنقرة، تصريحاته حول هذه الأزمة قائلًا "لا نعتبر التوتر بين روسيا وأوكرانيا أمرًا صائبًا. زيارة بوتين إلى تركيا وزيارتي إلى أوكرانيا أوائل الشهر المقبل تحملان أهمية كبيرة".

وللعودة إلى اللقاء الذي جمع بلينكن ولافروف، لحظنا أن التصريحات والانطباعات الصادرة عن اللقاء توحي بان الدبلوماسية قد تمنح المسألة فرصة أكبر للمعالجة السلمية.

وسنرى في الأيام القادمة إلى أي مدى حجم هذه الفرص ومدى فاعليتها وتأثيرها.

وبقدر ما يمكن أن يلعبه أي دور تركي للوساطة بين روسيا وأوكرانيا، فإن هذا يعتمد أيضًا على مدى تفاعل موسكو مع ذلك واستعدادها لوضع خطوة نحو الأمام.


#أوكرانيا
#روسيا
#تركيا
#أردوغان
#بوتين
#زيلينسكي
٪d سنوات قبل
الأزمة الروسية-الأوكرانية ومساعي أنقرة للوساطة
مئتا يوم من وحشية العالم المنافق
العلاقات التركية العراقية.. خطوة نحو آفاق جديدة
الصراع ليس بين إسرائيل وإيران بل في غزة حيث تحدث إبادة جماعية
التحرر من عبودية الأدوات والسعي لنيل رضا الله
هجوم أصفهان