|
سيد الذُّباب

تبدو أشكال الحرب الأوكرانية مختلفة، لكن حتى الآن لا يمكننا رؤية من يستطيع حسم المعركة. ويواجه حلف الناتو، باستثناء تركيا، ضجيج الحرب، وهذا يعني أن أعضاء أكبر آلة حربية أسستها البشرية وأكثرها تنظيمًا باتت في هذه المواجهة. وهم بذلك أيضًا يريدون المزيد من الجنود والأسلحة والمال والأعداء.

وأعلن حلف الناتو توسيع قوة الرد السريع من 40 ألف جندي إلى 300 ألف جندي. وقد أشارت بولندا بمفردها إلى أنها سترفعه إلى 400 ألف جندي، قائلة أنها تتوقع أن يتم الإعلان أن روسيا عدو في قمة الناتو المقبلة.

إذا تحققت التوقعات وتم إظهار الصين على أنها "عدوًا" للناتو تمامًا مثل روسيا، فسيكون حلف الناتو هو الهيكل المسلح الوحيد للنظام الدولي الذي فتح جبهة ضد موسكو وبكين، منذ انهيار الاتحاد السوفيتي.

وتلقت العديد من بلدان المحيط الهادئ والسويد وفنلندا، بالإضافة إلى الأعضاء الرئيسيين في الناتو ، الدعوة لحضور قمة حلف شمال الأطلسي "الناتو" الحاسمة، ويدل ذلك أنه لم يعد هناك مواقع ذات حدود واضحة ومحددة. كما يشير ذلك إلى أن كل العالم يحاول المواجهة. والسؤال الذي يجب طرحه هنا لماذا يفعلون ذلك ومن أجل من؟

دخلت الحرب الأوكرانية شهرها الخامس و شهدت تلك الحرب تحولات كثيرة. ولا سيما أن روسيا تسيطر على أراضي جديدة كل يوم ولا يمكن لأحد التنبؤ بما ستؤول إليه الحرب. وتواجه مدينة أوديسا الأوكرانية أسوأ سيناريو حاليًا، ولكن إذا ما طُرح سؤال بعودة روسيا إلى محاصرة العاصمة كييف، فليس هناك أحد يستطيع الرد على هذا السؤال بعبارة "بالتأكيد لن تعود".

وفي هذا الصدد، رد المتحدث باسم الرئاسة التركية، إبراهيم قالن، خلال لقاء تلفزيوني على إحدى القنوات، يوم الأحد الماضي، على سؤال كيف ترى أنقرة العمليات العسكرية على الأرض في أوكرانيا، بالقول: "روسيا تتقدم بسرعة".

وجاءت تصريحات قالن، مغايرة لتصريحات الولايات المتحدة والعديد من حلفائها وبعض وسائل الإعلام التركية، التي أشارت إلى أن موسكو ستنهار ولن تستطيع تحمل هذه الحرب، وأن هذا الأوضاع غير مسبوقة، وأن بوتين عزز سلطته السياسية.

وما زالت تحركات الغرب مستمرة ليس فقط عبر التحريض والاستفزازات، بل يقومون أيضًا بكل ما بوسعهم لإطالة أمد الحرب في أوكرانيا.

ويقوم وزراء الخارجية أو الدفاع في بريطانيا أو الولايات المتحدة بالنزول مباشرة إلى عواصم البلدان التي اتخذت خطوة نحو السلام.

وتشير الأوضاع الحالية إلى أن أوكرانيا والذين يقفون وراءها مثل الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا، في طريقهم للهزيمة. كما أن بعض الأعمال التي يقومون بها تشير إلى إطالة أمد الحرب كالاستهداف الصاروخي للمنصة النفطية الروسية في البحر الأسود، وتسليم نظام إطلاق الصواريخ المتعددة "هيمارس" ، وتقييد عمليات النقل الروسية إلى منطقة كالينينغراد وحظر نقل البضائع إليها والتي تعتبر مقرّ أسطول البلطيق الروسي والقاعدة البحرية والمنطقة ذات المنشآت النووية. لكن وبكل أسف المدنيون هم من يلقون حتفهم جراء إطالة أمد الحرب.

قال وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف في تلميح منه على تحذيرات وزير الخارجية الأمريكي الأسبق، هنري كيسنجر، عندما أفاد أن هناك احتمالية نشوب حرب شاملة: "إن الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي "الناتو" يشكلان تحالفًا للاستعداد للحرب ضد روسيا". ولا يمكن تجاهل تصريح لافروف هذا من خلال اللجوء إلى التصدعات التي تحدث داخل التحالف الغربي.

وفي هذا السياق، تواصل الولايات المتحدة اعتمادها على الأطروحة التي تشير إلى أنه من الممكن أن تنفد أموال هؤلاء الرجال، وينتفض الشعب، ويقوم“الأوليغارشيين” الروس بالتمرد على بوتين وطرده عبر انقلاب داخلي في الكرملين. وهذا ما أشار إليه بايدن في مارس/أذار من العام الحالي عندما قال: "بحقّ الله، لا يمكن لهذا الرجل (بوتين) البقاء في السلطة".

ويتزامن انعقاد قمة مجموعة الدول السبع مع قمة انعقاد الناتو. كما أن نتائج قمة مجموعة السبع ستزيد وتضيق الخناق على الاقتصاد الروسي. وكل ذلك فرضيات جريئة لأن لا أحد يعرف حقيقة ما حدث للاقتصاد الروسي، ولا أحد يعرف أيضًا الذي أنفقته روسيا على الحرب. ويبدو أن البيانات مغايرة تمامًا لما يشير إليه الغرب.

ورغم ذلك، فإن الغرب يحول عشرات الملايين من الدولارات إلى نفس الجبهة كل يوم. (هل هذه مسألة أخرى؟).

وقال بايدن في تصريحات بشهر مارس/أذار أن واشنطن ستشل الاقتصاد الروسي، لكن بالمقابل، روسيا تجني عائدات قياسية من النفط، حيث حطمت أرقامًا قياسية في ذلك كما سجلت العملة الروسية "الروبل" أعلى مستويات لها في سبع سنوات مقابل الدولار. بالإضافة إلى أن تلك الأرقام تشير إليها المصادر الغربية.

وتلك المصادر نفسها تشير إلى بيانات وأرقام أخرى، حيث أعلن صندوق النقد الدولي تخفيض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكي إلى 2.9 في المئة، العام الحالي، وذلك انخفاضًا من 3.7 في المئة، كما توقع أن يتباطأ النمو إلى 1.7 في المئة ، العام القادم 2023 وذلك انخفاضًا من 2.3 في المائة. وقالت مديرة صندوق النقد الدولي "الولايات المتحدة أمامها مسار ضيق لتجنب الركود الاقتصادي".

نحن بدورنا لا نولي اهتمامًا كبيرًا لما يقوله صندوق النقد الدولي، ولكن في النهاية، يقول تلك البيانات لمالكيه.

وأشارت وكالة بلومبيرغ الأمريكية إلى أن الاتحاد الأوروبي يواجه خطر الانقسام عقب تخفيض روسيا شحنات الغاز إلى أوروبا.

وتشير الوكالة بتحليلها إلى ما اسمته مجموع كل المخاوف، لكن نحن نتحدث عن النقطة التي تلتلقي فيها المعاناة مع المخاوف الاقتصادية والسياسية.

يستعرض حلف شمال الأطلسي "الناتو" قوته، وبالتزامن مع تصريحات التي أطلقها بعض أعضائه داعيًا إلى التمسك بالوحدة ، تشدد رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، على أنه من المستحيل عودة العلاقات الطبيعية مع بوتين.

تصريحاتها تقول أن العلاقات لن تعود مع بوتين كما كانت وليس مع روسيا!. من جهة أخرى، تطلق واشنطن تصريحات تفيد بأن زيلينسكي لا يريد إطالة أمد الأزمة، لكن بالمقابل الجميع على يقين من أن الحرب ستستمر لفترة من الزمن.

وسنقرأ التصريحات شديدة اللهجة ضد روسيا لكافة قادة مجموعة السبع تقريبًا خلال القمة المنعقدة، لكن مرة أخرى لن تكون تلك التصريحات هي الحقيقة.

أعلن المستشار الألماني أولاف شولتز، الاثنين الماضي، أنه لم يعد هناك مجال للعودة إلى الوراء في العلاقات مع روسيا. لكن برلين وباريس وروما لا يمكنهم إقحام تلك المستجدات في عقله.

ليس هناك ضمانات تشير إلى أنهم قد يتراجعوا عن موقفهم في اللحظة الأولى التي قد يتعثر فيها بايدن.

وفي أجواء مشابهة، تعرضت تركيا لضغوط خلال الـ 96 ساعة الماضية فيما يتعلق بطلب انضمام السويد وفنلندا إلى حلف شمال الأطلسي "الناتو".

وبالأمس جرى اتصال هاتفي من بايدن يؤكد فيه تطلعه للقاء بنظيره التركي رجب طيب أردوغان في قمة الناتو.

وفي ظل الأوضاع التي تشير أنه لا يوجد هناك أي تقدم ملموس. كل التحركات تعود إلى نفس تلك المخاوف والقلق كدعوة تركيا للاجتماع في اليوم السابق لانعقاد القمة، والدعوة التي وجهها رئيس الأركان الأمريكي مارك ميلي إلى نظيره التركي يشار غولر ، ولقاءات متحدث الرئاسة التركية إبراهيم قالن، مع مستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان، لكن السؤال الذي ينبغي طرحه هل هذه هي المشكلة؟ وهل تتناسب قرارات الناتو المستقبلية مع وصف تركيا للعالم الجديد؟ لذلك حتى لو قدمت السويد وفنلندا تنازلات لإرضاء تركيا ، فعلى أنقرة أن تفكر في حماية موافقتها.

وعندما تنتهي قمة الناتو سيكون لدينا حوار مشترك حول ما يحدث بالفعل وما ستؤول إليه الأمور في هذا العالم الجديد.

#الناتو
#فنلندا
#السويد
#الحرب الأوكرانية
#روسيا
#الاتحاد الأوروبي
#سيد الذُّباب
#قمة الناتو
#تركيا
٪d سنوات قبل
سيد الذُّباب
إيران.. خطر لم ندرك حجمه بعد
إبادة غزة.. المهمة الحضارية الجديدة لبريطانيا والولايات المتحدة
هل رؤية حزب الشعب الجمهوري للجامعات تتفق مع رؤية تانجو أوزجان؟
أولياء بخارى
المجلس السياسي لحزب العدالة والتنمية لربع قرن