|
الولايات المتحدة على شفا حرب "بلا هدف" مع روسيا والصين

كلما أدلى وزير الخارجية الأمريكي الأسبق، هنري كيسنجر، بتصريح، يصبح محط اهتمام الصحافة العالمية، والصحافة التركية أيضًا.

وقد أجرى كيسنجر مؤخرًا مقابلة مع صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية، بمناسبة كتابه الجديد المعنون بـ "القيادة" وتحدث بالطبع عن الوضع الحالي للعالم.

وملخص المقابلة، أن الولايات المتحدة الأمريكية على شفا حرب وشيكة مع روسيا والصين، دون أن يكون لها هدف واضح.

وإذا كانت الولايات المتحدة تضع نفسها في مواجهة كل من روسيا والصين، و توجه تحالفاتها إلى هذه الجبهة فإن المتوقع اتخاذها موقفاً ضد "عملية الانتقال الجارية إلى النظام العالمي الجديد"، أي ضد التيار العالمي. هذه هي أمريكا. فهل من الممكن اعتبارها تسير بلا خطة وبلا هدف؟

لا أريد أن أخيب آمال معجبيها، لكن الأمر حقًا كذلك. فأمريكا لا تعرف حقًا ماذا ستفعل. فهي تسير بلا خطة وبلا تفكير.

لعلكم تتذكرون عبارة "أمريكا عادت" التي قالها الرئيس الأمريكي جو بايدن أثناء تقديمه فريقه للسياسة الخارجية. لكن أين هي؟ وعلاوة على ذلك، فإنه بخلاف القوى العظمى الأخرى، هناك العديد من الدول القوية التي ترى مدى الضعف الذي حل بأمريكا.

والواقع، أن الاتجاه العالمي من الغرب إلى الشرق قد تم تعزيزه، وتدفقه آخذ في الازدياد. فضلًا عن أن الولايات المتحدة لا تملك خطة مضادة أو مطورة. وباتت تترنح هنا وهناك. وهذا هو تفسير كلمة "بلا هدف". والحقيقة أن الكلمة لم يتم اختيارها بشكل مناسب؛ فالكلمة الأصح هي "بلا حيلة/عاجزة".

السياسة المحلية الأمريكية

تمر الولايات المتحدة الأمريكية بدوامة؛ حيث يلتقي التيار العالمي بالتقلبات الداخلية، وتفسد الفراغات الاقتصادية والاجتماعية النسيج الاجتماعي للبلد. وتأتي انتخابات التجديد النصفي المزمع إجراؤها في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، في مقدمة هذه الأمور جميعًا.

ونظرًا لأن الأمريكان بالبلاد شغوفين باستطلاعات الرأي، فإنهم ينشرون يوميًا تقريبًا مقاييس تُظهر أن حكم بايدن سيتعثر. وإذا نظرتم إلى تلك المقاييس، فستجدون أن الأمر قد تم حسمه بالفعل؛ إذ إن البيت الأبيض سيفقد جزءًا كبيرًا من قوته السياسية.

وإذا تحققت التوقعات، فإن الولايات المتحدة ستكون في مهب الرياح المحلية والأجنبية. وستصبح القضايا الاقتصادية والحيوية على جدول الأعمال هذا الشتاء. وسوف تنعكس التوترات والتذمرات في أوروبا، على التحالف، والمآزق والصراعات الدولية المشهودة في الوقت الحالي. وهذا هو السبب في أن بعض الخبراء يقولون إن بايدن هو آخر رئيس مؤيد للعلاقات عبر الأطلسي.

السيناريو الأسوأ هو أن واشنطن ترفع النزاعات الصغيرة أو التي يتم تنفيذها من الباطن إلى مستوى الحروب المتوسطة لتجاوز هذه الموجات. وفي الواقع، فإن أوجه التشابه بين أوكرانيا وتايوان تشير إلى هذا الأمر.

والواقع، أن الولايات المتحدة الأمريكية هي دولة شهدت حروبًا امتدت لنصف قرن من الزمان بدءً من عام 1941 (الحرب العالمية الثانية) حتى عام 1991 (نهاية الحرب الباردة). هذه هي طبيعتها. ويمكننا سرد جميع الحروب التي اندلعت في تلك الفترة. لكن الحرب الباردة كانت في الواقع نموذجًا للحرب العالمية.

والآن يمكن للولايات المتحدة أن تكرر الطريقة التي تعرفها والتي تلجأ إليها في كل أزمة، ولكن لا توجد عاصفة واحدة هنا، بل عاصفة مشتركة.

سوريا والمستنقع

هناك تعريفات جديدة في لغة المعارضة فيما يتعلق بالعمليات العسكرية، التي تنفذها تركيا على الحدود، تلك العمليات التي تعتبر "الأسنان الحادة" لتركيا في حربها ضد الإرهاب.

يعتبر وصف المناطق التي تنفذ فيها تركيا عملياتها العسكرية والواقعة على حدودها الجنوبية بأنها "مستنقع"، امتدادًا للعقلية التقليدية التي تتساءل: "ماذا تفعلون هناك؟". وإذا كانت لديهم القوة فسيقولون: "ماذا تفعلون هنا؟".

بالطبع يمكننا الرد على هذا الأمر، إلا أن كلمة "المستنقع" تحمل رسائل اضطراب آخر على المستوى البعيد.

بصرف النظر عما إذا كانت سوريا أو العراق، فإن وصف المعارضة للعمليات العسكرية التي تنفذها القوات المسلحة التركية في هذه المناطق الجغرافية، بقولهم: "إنكم تدخلون مستنقعًا"، لم يرد في أي لغة مستخدمة أو مُصادفة في تجارب الأمن القومي التركي.

وهذا في الغالب استعارة مستخدمة في تدخلات ما وراء البحار على النمط الغربي والأمريكي، والتي ظهرت بعد أمثلة مثل أفغانستان وفيتنام.

وكما تعلمون، بينما كانت الولايات المتحدة تغادر أفغانستان،ألقت الأشخاص الذين دعموها من الطائرات وفرت هاربة. وهناك مثل هذه "الصور" الدرامية في فيتنام، ولكن ليست هناك حاجة إلى عرض أمثلة على ذلك؛ فأمريكا قد هُزمت هناك.

وهذا التعبير، الذي يُستخدم الآن علانية لوصف العملية العسكرية المرتقبة في سوريا، يعني مساواة تركيا بهذه الدول الغربية في مثل هذه الأمثلة، ووضع تركيا في الكفة نفسها مع أمريكا.

وبينما تحصر هذه العقلية تركيا ومصالحها في حدودها فقط، فإنها ترفع الإرهابيين هناك (في سوريا) إلى منزلة "الأبطال". وبمعنى آخر، فإنهم ينفون وجود الولايات المتحدة الأمريكية والتنظيمات الإرهابية مثل: "بي كي كي" و"بي واي دي" و"واي بي جي" بحسب زعمهم.

والكاتب اللبناني أمين معلوف، له مقولة مفادها: "يعرف الطفل الفرق بين الأم بالتبني وزوجة الأب. كما تعرف الشعوب الفرق بين من يحررهم ومن يحتلهم."

الجميع يعلم من تكون تركيا، وحتى أعداؤها لم يوجهوا لها مثل هذه الافتراءات.

تتصور المعارضة أن الاقتراحات والحلول التي تقدمها ستجلب السعادة للجمهور؛ إذ تدعوهم إلى تعزيز"الديمقراطية" في بلدهم، وإحضار الأمم المتحدة إلى هذا المجال.

وهذا إن دل إنما يدل على عدم دراية؛ إذ إن الأمم المتحدة لا تقدم أي فائدة لنفسها. وقد زادات الانتقادات الموجهة لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، وحتى أعضاؤه أنفسهم يعترفون بالحاجة الماسة إلى "إعادة الهيكلة".

إن إحضار الأمم المتحدة، التي تُعد المسؤولة عن تعميق الأزمة، إلى تركيا، يعني التواطؤ في مخطط تقسيم سوريا والعراق وإيران وتركيا، وتحويل ممر الإرهاب إلى دولة تعمل من الباطن.

بالطبع لا تسمح دول المنطقة بذلك بأية حال، ولكن القول بإنه: "ينبغي على تركيا أن تنسحب من هناك، وأن توقف التهديد الموجه إليها بالديمقراطية"، لا يعني أنهم يعيشون في عالم الخيال فحسب، بل أن الأمر له بعد يناسب الداخل؛ لأن المشكلة تتعلق بما يدور تحت الطاولة السداسية.

وإذا كنتم قد أوصلتم الأمر إلى هذه النقطة من أجل انتقاد السلطة السياسية في بلدكم، فلا يسعنى حتى أن أقول لكم "سامحكم الله!"

#نيدرت إيرسانال
٪d سنوات قبل
الولايات المتحدة على شفا حرب "بلا هدف" مع روسيا والصين
من سيحل محل هتلر في الرواية الصهيونية القادمة؟
نداء لأغنياء المسلمين
مجلة "ذا أمريكان كونسيرفاتيف": تنظيم "واي بي جي" الإرهابي يشكل تهديدًا لتركيا وحلف الناتو
غزة.. نقطة تحول تاريخية
ملف إيران يزداد تعقيدا